السبت، 26 يوليو 2014

لغة الثرى


 

خَبَّأْتَ رَأْسَاً، كَالنَّعَامَةِ، في الثَّرَى

وَحَسِبْتَ أَنَّكَ لا تُرَى ، إذْ لا تَرَى

 

وَأَرَدْتَ أَنْ تَسْعَى لِتَخْطُوَ خُطْوَةً

فَإذا بِأَمْرِكَ أَنْ رَجَعْتَ القَهْقَرَى!

 

وَسَمِعْتَ قَهْقَهَةَ العَدُوِّ ، وَأَنْتَ مِنْ

تحتِ التُّرَابِ، وَكُنْتَ تجْهَلُ مَا جَرَى

 

حَتَّى رَفَعْتَ الرَّأْسَ بَعْدَ هُنَيْهَةٍ

فَوَجَدْتَ أَنَّكَ غِبْتَ دَهْراً في الكَرَى

 

وَخَفَضْتَ نَاظِرَكَ اللَّعِيْنَ، فَلَمْ تَجِدْ

جَسَداً لَدَيْكَ .. وَلَمْ تَجِدْ لَكَ مَظْهَرا

 

رَأسٌ بِلا جَسَدٍ .. بَقِيْتَ مُسَمَّراً

وَمُكَذِّباً جَفْنَيْكَ .. فِيْمَا أَبْصَرا

 

وَبَحَثْتَ في كُلِّ الدُّرُوْبِ ، مُسَائِلاً

مَنْ قَدْ لَقِيْتَ، وَرُحْتَ تَتَّهِمُ الوَرَى

 

وَسَمِعْتَ شَتَّى الشَّائِعَاتِ مُفَكِّراً

فِيْهَا، وَصَدَّقْتَ الحَدِيْثَ .. الْمُفْتَرَى

 

حَتَّى .. عَلِمْتَ بِأَنَّ لَحْمَكَ سِلْعَةٌ

قَدْ صَارَ في بَخْسٍ يُبَاعُ وَيُشْتَرَى

 

وَوَقَفْتَ مُحْتَجَّاً .. وَرُحْتَ مُهَدِّدَاً

كَيْفَ اعْتَدَوْا؟ وَمَتَى؟ وَعُدْتَ مُحَقَّرا

 

وَعَزَمْتَ أَنْ تَحْيَا بِرَأسٍ أَبْتَرٍ

مُتَخَفِّياً، خَجْلانَ، مِنْ أَنْ تَظْهَرا

 

فَعُدِمْتَ مَخْلُوْقَاً يَعِيْشُ ! .. كَمَيِّتٍ

وَعُدِمْتَ مَسْلُوْباً أُبِيْحَ .. وَمَا دَرَى!

 

 

 

فصول أنثى


 

عَـجَــبـــــاً مِـــنْــــكِ .. أَنْـــتِ مَــــــــاءٌ وَنَـــــــارُ

وَحَــيَـــاتـــي فــي الحَــالَــتَــيْــــنِ احْــتِــضَــــارُ

 

غَــــــــرَقــــاً مَــــــــــرَّةً، وَأُخْــــــــرَى احْـــتِــــــرَاقاً

أَتَــــهَــــــــاوَى .. وَمَـــــــا لَـــــــدَيَّ خَـــــــيَــــــــارُ

 

أَنْتِ إنْ بُــحْـتِ بِــــالـهَـــوَى .. فَسِيُـــوْلٌ

وَإذا مَــــــــــا مَــــــلَــــلْــــتِـــــنِــــــي .. فَـــشَـــــرَارُ

 

كُلَّـــمَـــــا أَظْــــلَـــمَ المَــــدَى شَــــــعَّ قَلْبـــــي

صِحْتِ ، زَعْماً ، أنَّ المُضِيْءَ النَّهَـارُ

 

وَتَــهِــــبُّ الـــرِّيَـــــــاحُ.. تُـــنْــذِرُ، رُعْبــــاً ،

مُــــــدُني : أَنْ سَــيــَحْـــتَــــوِيْــــهَـــــا الدَّمَــــارُ

 

وَجُـــرُوْحِـــي تُـــخَــــبِّـــــئُ الـــحُــــــزْنَ بَـــــــذراً

فَـإذا مَا صَــمَــــتُّ، لاحَ .. اخْــضِـــرَارُ

 

عَــلَّــمَــتْــــنــي أحْــجَــــارُ قَـــلْـــبِـــكِ صَــمْتــــاً

وَمِـــــنَ الـــــدَّرْبِ قَــــدْ يَـــــــفــــــرُّ الــــفِـــــــرَارُ

 

شَـــفَـــتَــــــاكِ الــــلَّــتَــــــانِ جُـــــنَّ جُــــنُــــونــــــي

بِـــهِـــمَـــــا، قَــــدْ عَـــلاهُــمَــــا الإصْـــفِــــرَارُ

 

شَـــفَـــةٌ تَسْـــكُـــبُ الــــنَّـــعِـــيْــــمَ، وَأُخْـــرَى

تَـــتَــــلَــــظَّـــــى، فَــــمَـــــا لَـــــدَيْـــــــكِ قَــــــرَارُ

 

قَــــدَمي أبْــــصَــــرَتْ، وَدَرْبــــــــيَ أَعْـــمَــــى

فَهَـــــوَى النَّــــجْـــمُ حِينَ مَــــالَ الـــمَــــدَارُ

 

جَلَـــدَتْـــنِـــي أُمِّــــــيَّـــــــةُ الـــــعِــــشْـــــقِ حَــــرْفاً

وَعَـــــلا مَــــوْجَــــةَ الشُّـــــعُـــــــوْرِ انْـكِــسَـــــارُ

 

وَأْدَ شِـــعْــــــرِ المَــغْـــمُـــــوْرِ قَـــدْ وَأَدَتْــــنِـــــي

في كَـــرَارِيْـسِهَــا .. وَطَـــــــالَ انْـــتِـــــظَــــارُ

 

رَعَشَ العُشْبُ في يَدِي، وَهْـوَ يَبْكِي

مَوْطِـــــئَ الصَّمْـــتِ، وَارْتَــــدَاهُ الــبَــــــوَارُ

 

عَــجَــبـــاً مِـــنْــكِ .. كَــمْ يَــسِــيْلُ فُـــرَاتــي

فَـــيَـــــــلِـــــــــفُّ الــــحَـــنِـــيْــــــنَ مِــــنْــــــكِ إزَارُ

 

كُلَّمَا جُــرْتِ .. جِئْتُ أَهْــتِــفُ رَغْـمـاً:

«إعْـــذُرِيْــنِي ! »، وَمَا يُــفِيْــدُ اعْتِـذَارُ

 

يَــمْـــلأُ التُّــــــرْبُ مِـــنْـــكِ ثَـــغْــــرَ نَــضَـــاري

وَلَــدَى الجَــهْــــلِ قَــدْ يُــهَـــــانُ الــنَّــضَـــارُ

 

أَتَـــعَـــاطَــى، مُــهَــرِّجــاً، سَــيْـــفَ رَقْصِـي

وَعَـــلَـــى الحَــبْـــلِ يَـــمْــتَــطِــيْــنــي الـــــدُّوَارُ

 

فَاهْـتُفِيْ بِـــيْ وَصَــفِّـــقِـــي؛ إنْــتَــهَى العَــــرْ

ضُ بِـــمَــــوْتِي، وَقَـــدْ أُمِــيْـــطَ الـسِّـــتَـــــارُ

 

فَـــإذا مَــــا أَرَدْتِــــنِـــــي .. فَـــامْــــنَـــحِــيْـــنِـــي

ذَوَبَـــــــانـــــــــاً .. إنَّ الــــغَــــــرَامَ انْـــصِــهَـــــارُ

 

وَأَفِــيْــضِـــيْ عَلَـــيَّ – أسْـتَــغْــفِــــرُ الــعِــشْـــ

ـــقَ – جَنَــاحَـيْـكِ .. فَالـثِّـمَـــارُ الـثِّـمِـــارُ

 

إنَّهَـــا ثَـــــــوْرَةُ الـــهَـــوَى .. فَـــاعْــرِفِـــيْـــهَــــا

لَــــيْـــسَ فِـــيْـهَـــــــا هَــــزِيْـــــمَـــةٌ وَانْــــتِـــصَــــارُ

 

 

الثلاثاء، 1 يوليو 2014

أحزان الأرض


 

مَا ذَلِكَ النَّابِضُ الْمَأسُوْرُ .. في جَسَدِي؟

أَرْضٌ مِنَ الحُزْنِ أَمْ بَحْرٌ مِنَ الكَمَدِ؟

 

قَدْ ظَلَّ يَجْهَشُ طُوْلَ اللَّيْلِ .. في جَلَدٍ

حَتَّى تَذَكَّرْتُ مَا لَمْ يُبْقِ لِي جَلَدِي

 

ذِكْرَى مِنَ الأَمْسِ .. مَاضٍ كَانَ يَحْفَظُهَا

لَعَلَّهَا- بَعْدُ -لَنْ تَبْقَى إلى الأَبَدِ

 

لَوْ كَانَ للبَحْرِ كَفٌّ .. كَانَ صَافَحَنِي

وَقَالَ : دَعْ عَنْكَ هذا الحُزْنَ، يَا وَلَدِي

 

لَوْ كَانَ لِلأَرْضِ عَيْنَانِ .. احْتَضَنْتُهُمَا

وَصِحْتُ : أُمَّاهُ .. هذَا مَا جَنَتْهُ يَدِي؟!

 

قَالَتْ لِيَ الأَرْضُ، وَاهْتَزَّتْ جَوَانِبُهَا :

إنَّا غَرِيْبَانِ .. مَنْفِيَّانِ .. في بَلَدِ

 

هَذِي يَدِي .. حِيْنَ كَانَ التِّيْنُ يَمْلَؤُهَا

قَدْ كَانَتْ النَّاسُ مِنْ حَوْلِي بِلا عَدَدِ

 

لَكِنَّنِي .. بعدما اسْتَنْبَتُّهَا .. أَثَلاً

قَدِ الْتَفَتُّ .. فَلَمْ أَعْثُرْ عَلَى أَحَدِ

 

فَقُلْتُ : لا بَأْسَ، إنْ صَدُّوْا؛ فَإنَّهُمُ

رَاحُوْا – عَنِ الماءِ – يَلْتَذُّوْنَ بِالزَّبَدِ

 

غَدَاً يَعُوْدُوْنَ .. إنْ جَفَّتْ حَنَاجِرُهُمْ

وَأَيْقَنُوْا المَوْتَ .. وَانْحَلَّتْ عُرَى الأَمَدِ

 

غَدَاً سَتَصْفَرُّ هَذِي الأَرْضُ – إنْ رَجَعُوْا

غَدَاً – وَسَوْفَ تَمُوْتُ الأَرْضُ بَعْدَ غَدِ

 

 

الاثنين، 30 يونيو 2014

ذهول في محضر النبي الأعظم


 

وَجَلٌ سَرَى، فَغَدَا حَدِيْثُ البَادِئِ

خَيْطاً .. تَنَاثَرَ مِنْهُ سَمْطُ لآلئِ

 

نَفَرَتْ عَنِ الكَلِمَاتِ بَعْضُ حُرُوْفِهَا

فَغَزَتْ مَعَانِيَهَا بِمَعْنًى خَاطِئِ

 

فَلَقَدْ سَرَتْ سُفُنُ القَرِيْضِ  مَوَاخِراً

وَقَضَتْ بِيَمِّ الوَصْفِ دُوْنَ شَوَاطِئِ

 

هَامَتْ لِذِكْرِ مَحَاسِنٍ لَكَ  مُهْجَتِي

فَدَنَتْ ، وَعَاقَتْ دُوْنَ ذَاكَ مَسَاوِئِي

 

يَا وَيْحَ نَفْسِي .. مَا أُحَاوِلُ  جَاهِداً

وَهَوَاكَ سِرٌّ ، وَالتَّحَيُّرُ  مَالئي

 

لا .. لَنْ تَخُطَّ يَراعَتي .. إلاَّ  إذا

مُلِئَتْ مِداداً مِنْ نَجِيْعٍ قانئِ

 

غَافَلْتُ عَاقِلَتي ؛ لأسْكُبَ لَوْعَتي

فَأَتَتْ مُنَاوَرَتي بِلَفْظٍ وَامئِ

 

لَوَّحْتُ للمَعْنَى البَعِيْدِ ، فَصَدَّ عَنْ

كَلِمي .. وَأَبْدَتْ مَا تَكُنُّ مَخَابِئي

 

لا غَرْوَ إنْ أَعْجَزْتَني شِعْراً ..  فَكَمْ

سَاوَى ثَنَاؤُكَ فَحْلَهَا بِالنَّاشئِ

 

أَنَا.. طَائرٌ ، قَدْ حَطَّمَتْهُ الرِّيْحُ ..

مُرْتَعِشاً أَتَى يَسْعَى .. لعُشٍّ  دَافئ

 

مَا جِئْتُ إلاَّ هَارباً ،  مُتَنَصِّلاً

مِمَّا جَنَيْتُ ، وَأَنْتَ حِصْنُ اللاجئِ

 

مَخَرَتْ مَرَاكِبُ أَحْرُفي بَحْرَ النَّدَى

فَإذا النَّبِيُّ يَشِيْدُ كُلَّ  مَرَافِئي

 

هِيَ مُهْجَتي الوَلْهَى ، وَهَاكَ  نِثَارَهَا

فَوْقَ الطُّرُوْسِ، فَهَلْ تُرَاكَ  مُكَافِئي!

 

يَا وَاحةً سَكَرَتْ بِكَوْثَرِ مَائِهَا

دُنْيَا الرَّوَاءِ .. فَهَلْ تَحِنُّ لِظامئِ ؟!

 

يَا مَنْهَلَ العُشَّاقِ .. ذُبْتُ صَبَابةً

وَعَذَابُ مَنْ يَهْوَى كَعَيْشٍ هَانئِ

 

عَدَمٌ أنَا .. فَامْسَحْ بِرِيْقِكَ مَبْسَمِي

وَانْفُثْ جَوَاكَ بِهِ ؛ فَإنَّكَ بَارِئي !

 

مَا هَمَّني إلاَّ رِضَاكَ ، وَلَوْ  جَرَى

غَضَبُ الوَرَى سَيْلاً ، فَلَسْتُ  بِعَابئِ

 

يَا شَاغِلَ الدُّنيا ، وَمُخْرِسَ أَلْسُنٍ

مِنْهَا ، وَمُرْجِعَهَا بِطَرْفٍ خَاسئِ

 

هَا قَدْ تَمَلَّكَني الذُّهُوْلُ ، وَقَدْ خَطَتْ

قَدَمي عُلاً .. فَإذا العِثَارُ مُفَاجِئي

 

يَا مُنْتَهَى وَصْفِي لِسِدْرَةِ  مُنْتَهَى

إنِّي احْتَرَقْتُ هُنَا .. بِوَهْجٍ طَارئ

 

هذا حِرَاؤكَ قَدْ وَلَجْتُ فَنَاءَهُ

إنْ قِيْلَ لِيْ «ٱقْرَأْ» قُلْتُ «لَسْتُ بِقَارئِ»

 

 

الأحد، 29 يونيو 2014

بو امرأة (فانتازيا شعرية)


عَادَ لِمَأوَاهُ .. وَهْوَ رَهْنُ شَقَا

يُعَاقِرُ الصَّمْتَ فِيْهِ وَالأَرَقا

 

يَغُوْصُ في بَحْرِ حُزنِهِ ، وَيَدٌ

على جَبِيْنَيْهِ ، تَعْصِرُ الأُفُقا

 

يَسِيْرُ في غُرْبَةٍ تَسِيْرُ بِهِ .. 

تَسْرِقُ مِنْ تَحْتِ رِجْلِهِ الطُّرُقا

 

وَيَرْتَدِي لأمَةً .. لِعَاصِفَةٍ 

قَدْ تَرَكَتْ جَيْشَ عُمْرِهِ مِزَقا

 

يَبْحَثُ في النَّجْمِ عَنْ سَنَا امْرَأَةٍ

بَيْنَ نِسَاءٍ ، أَحَلْنَهُ .. غَسَقا

 

فَصَارَ كَالنَّهْرِ ؛ جَفَّ مَنْبَعُهُ ..

وَذابَ عِنْدَ الْمَسَاءِ .. وَاحْتَرَقا

 

وَدَسَّ في جَيْبِ فِكْرِهِ حُلُماً

فَرَاوَدَ الْحِبْرَ فِيْهِ وَالوَرَقا

 

تَأبَّطَ الوَجْدَ ، وَانْثَنَى مَرِحاً

وَعَادَ في الحُلْمِ يُسْعِفُ .. الرَّمَقا

 

وَهَبَّ مِنْ صَمْتِهِ ؛ لِيَجْمَعَهَا

عَلى اشْتِهَاءٍ ، وَيَرْسُمَ الحَدَقا 

 

أَتَمَّهَا ، مِثْلَ لَوْحَةٍ .. فَغَدَتْ 

عَلَى سَرِيْرٍ .. تَزِيْدُهُ أَلَقا

 

(بَوّاً) لأُنْثَى ، حَشَا بَوَاطِنَهُ

وَسَائِداً ، وَاسْتَتَمَّهَا .. خِرَقا 

 

بَدَتْ كَحَسْنَاءَ ، وَهْيَ رَاقِدَةٌ

فَامْتَلأَ الْجَوُّ بَهْجَةً .. وَرُقَى

 

وَارْتَعَدَتْ لِلهَوَى فَرَائِصُهُ

فَتَحْتَ أَضْلاعِهِ السُّهَا خَفَقا

 

وَمَسَّهَا خَاشِعاً ، فَشَعَّ ضُحَىً 

مِنْ شَفَةٍ .. قَدْ أَقَلَّتِ الشَّفَقا

 

وَحِيْنَ لاذ الْمَدَى بِهَا نَطَقَتْ

وَحِيْنَ لاذ الْمَدَى بِهِ نَطَقا

 

أَضَاءَ سِحْرُ الْهَوَى نَوَافِذَهُ

فَضَمَّهَا.. ذَاهِلَيْنِ ، وَاعْتَنَقا !!